تم أخيراً إطلاق مهرجان الإعلان عن تأسيس دائرة الثقافة والفنون…
افتتح المهرجان في الساعة 9:30 مساء يوم الخميس 5-7-2012 في الخالدية في حمص. وقد افتتح بالعراضة الحمصية الشهيرة لفرقة أبو عبدو التي صار معروفة جداً للحمصيين ولغيرهم من كثرة حضورها القوي في معظم مظاهرات الأحياء.
تلا ذلك كلمة لدائرة الثقافة والفنون الوليدة أبرز ما جاء فيها.. أن الحرب المسلحة التي فرضتها الوحشية الأسدية على سوريا التاريخ والحضارة لا يمكن لها أن تختزل سوريا في سلاح (بلى! يُفرض علينا القتال.. وليست المرة الأولى.. ولكن كلا! ما عاذ الله أن تُختزل سوريا في سلاح..).. ومن هنا كان تأسيس الدائرة استحضاراً للهوية الحضارية لسورية – وكأن شكلاً جديداً من الحرب وهو المدني سيستخدم في مواجهة النظام الأسدي – كما جاء فيها أن عذابات السوريين هي نقطة الانطلاق ولهذا أُهدي المهرجان إلى أرواح الشهداء السوريين، ولا سيما الشهيدين (باسل شحادة) و(خالد المبارك) اللذين توجهت الكلمة، التي تناوب على قراءتها كل من باسل محمد ووليد فارس، لهما بالذات بعبارات شديدة التأثير. ذلك أن الشهيدين كانا ممن تابع ترتيبات المهرجان بتلهف وحماسة. لكن جرائم النظام أبت إلا أن يكونا في عداد ضحاياه.
وقد لوحظ انتشار صور الشهيدين المذكورين تملأ قاعة المهرجان.. كما جاء الإهداء إلى كل الشهداء والجرحى والمعتقلين والمهجرين.. إلى (سوريا الرائعة بشراً وحجراً وشجراً..).. كما تعرضت الكلمة لظروف العمل الصعبة والمستحيلة في ظروف العدوان والتدمير المستمر .. وإلى حالة الخذلان التي يعانيها الثوار من السوريين الذي ابتعدوا عن العمل الثوري بسبب الخوف .. تلا الكلمة عرضاً مسرحياً قصيراً بدا للوحلة الأولى وكأنه من نوع قصص كليلة ودمنة إللا أن غياب العنصر الأخلاقي التعليمي التلقيني وجريان السرد الحر على طريقة الدراما المسرحية جعل من النص أقرب إلى الرمزية المثقلة بمقولات سياسية واجتماعية أنثروبولوجية.
و قد أدى الأدوار كل من حمزة الخطيب ونبيل مصطفى ومجد عمر والنص المسرحي وهو بعنوان 0الملوك المتوجون لا يزأرون..)، من كتابة وإخراج (آبـــــو أبو تراب). ثم تلا ذلك إلقاء لقصيدة (لاتصالح) للشاعر المصري الراحل (أمل دنقل) التي كتبها للسادات حين كان يتأهب للسفر إلى تل أبيب لتوقيع معاهدة كامب ديفيد.. فكان اختيار الدائرة لهذه القصيدة شديد الدلالة، وهو ما صرح به مقدم القصيدة حين أعلن أنها قد تصح اليوم أن تكون لسان حال كل شهيد سوري أو جريح أومعتقل أو مهجر.. يصح أن تكون لسان حال كل السوريين.
ثم كانت فقرة غنائية أطلقت فيها لأول مرة أغنية جديدة بعنوان (أتيت يا حمص..) وكانت على مقام البيات حيث تفرعت إلى أربع خانات لونت بمقامات أخرى كالبيات الشوري والمحير في الخانة الأولى والثالثة.. وبمقامات الصبا والعجم في الثانية والرابعة. مع ملاحظة أن القصيدة الطويلة التي كانت باللغة الفصحى غير موزونة وقد تطابقت الخانات الأولى والثالثة، وتطابقت الثانية والرابعة تلحيناً.. الكلمات كانت للشاعر المعروف بكلماته التي انتشر في المظاهرات الحمصية والسورية عموماً أهازيج وأغنيات قصيرة وعراضات.. الشاعر (ملهم أبو سامر) وغناها الفنان وهو عسكري منشق ( محمد يحيى) أما اللحن فقد وضعه ( آبـــــــو أبو تراب).
وفي النهاية شكرت الدائرة الحضور كل من ساهم ولو بالقليل أو اهتم أدنى اهتمام بمشروع تأسيس الدائرة التي صار واقعاً.. وأحالت لتختم بمثل ما افتتحت به وهو أداء فرقة العراضة. ومن اللافت أنه برغم التميز الأدبي والجمالي لكلمة دائرة الثقافة والفنون لإنها لم تخل من رسائل سياسية قوية ظهرت أحياناً بشكل ظاهر وأحياناً أخرى بشكل مبطن..
وقد أعلنت لنا عن تحضيرها لبرنامج عمل ثقافي وفني متكامل ستنفذه في الفترة القادمة رغم كل الظروف الدموية الرهيبة من قصف عنيف وحصار قاس وتقطع لوسائل الاتصال وخدمات الحياة اليومية من كهرباء وماء وقلة الغذاء ومياه الشرب. ومما يجدر ذكره أن المهرجان قد عرض بالبث المباشر على أثير عدة فضائيات كالجزيرة و غيرها. وقد نستطيع التعرف أكثر على دائرة الثقافة من خلال لقاءات وحوارات نجريها خلال الأيام القدمة مع الفنيين والفنانين والإداريين الذين تضمهم اليوم هذه الدائرة الفريدة في ظروف رهيبة تماماً.
فعاليات إفتتاح دائرة الثقافة والفنون