بقلم: ثائر سوري دمشقي
قصيدة متواضعة كتبتها عندما اقتحم الجيش الباسل حمص التي كانت تقصف بشكل عنيف في ظل حصار خانق وكانت هي الوحيدة التي تتعرض لهذا القصف.. والآن لا اعرف عن ايّ محافظة سأكتب عن ايّ مدينة عن أيّ قرية عن ايّ حي!!؟
غيومٌ رمادية سوداء..
مطرٌ ورعد في وسط النهار!
لا وجود اليوم للنجوم..
فلم أعد أميز بين الصباح والمساء
أمهات تصرخ.. فيشق صراخها غشاء السماء..
ورجال تصدح بالتكبيرات.. فترددها ذرات الهواء…
وطبقة الصمت الصارخ تعلو في نفوس الضعفاء..
أمطارٌ غزيرة تنهمر على أجسادٍ ملطخةٍ جوفاء
يقصفونكم بالصواريخ والراجمات..
فيسقط منكم العشرات والمئات..
صدور عارية.. ودبابات محصنة ومدرعات
فمن ينجو منكم.. يكون مصيره الذل في المعتقلات
تستشهدون وتقدمون أرواحكم..
لتبنوا جسراً..
جسراً من الأشلاء
جسراً الى جنة الخلود الخضراء…
كل يوم.. تغوص حمص في الدماء
في حمص كل يوم تُمطر السماء……
تمطر دموعاً ورصاص
تُمطرُ وروداً وشهداء ..
الطفل والشيخ، الرجل والامرأة..
لم يعد يفرق الموت بين الأحياء..لكن هذا هو الثمن..
فالحرية لا تُعطى.. بل تُؤخذ بالفداء..
هذه هي.. الحرية الحمراء
لأجلكم اتشحنا بالسواد..
حزناً، تضامناً
وأعلنّا الإضراب والحداد..
فكيف ننام بهناء؟
وفي أذني مازلتم تصرخون من تحت الرماد..
كيف نأكل ونشرب من الطيبات..؟
وانتم لا تملكون الخبز والدواء..
ولا ادري إن كنتم تشربون الماء..
لا ادري ان كنتم تشعلون الشمعات..
بسبب الانقطاع – المتواصل- للكهرباء
واعذروني..فإني لا أقدم لكم سوى الترهات والكلمات…
اعذروني على تقصيري لكم في الوفاء..
فكلُّ الذي أملكه هو قلمي وهذه الصفحات..
كل شارع، كل حي سيُزَين باسم شهيد..
وما أكثر الأسماء
أصبحتم مجرد أعداد.. للبعض..
ولبعضٍ آخر.. فاجعة وقدوة!
قصّة.. يرويها الزمان عن مدينة الشرفاء..
مدينة.. تدعى حمص العزة والكبرياء..
فأنتم رمز النصال الذي سيُترّخ بتاريخ الاستبداد..
وما كلماتي إلا هباء..
أمام عظمتكم وكرامتكم..
بل هي مزيدٌ من السواد..
تشقُّ طريقها عبر هذه الصفحات البيضاء..
لتصل اليكم.. لتندثر في الهواء