إبراهيم حسن
انشغل بعض المثقفين والمعارضين السوريين باستعطاف واستجلاب الأجنبي للتدخل العسكري في سوريا مهما كان الثمن، مستحضرين بذلك صورة الحل الليبي الذي شاهدناه جميعاً قبل أشهر، وكيف أن الثورة الليبية انتصرت بمساعدة واضحة من حلف شمال الأطلسي، أنا الآن لا أتدخل في قرار الشعب الليبي ولا رغباته ولكنني فقط أحلل الوضع هناك .
المهم انشغلوا باستجلاب الأجنبي وتقديم التصريحات وراء التصريحات والمطالبات بعد المطالبات ليتدخل الناتو وصوروه “رغبوا أم لم يرغبوا” بصورة الفارس الشجاع الذي يدافع عن حقوق الشعوب !!
وفي المقابل انبرت فئةٌ أخرى من المثقفين الذين يرعدون ويزبدون ويطالبون بعدم التدخل الخارجي، معلنين أن التدخل العسكري الخارجي هو هيمنة وسيطرة على البلد واحتلال ثاني لها، أو على أقل تقدير تكلفته باهظة ولسنا “في سوريا” بصدد دفع فاتورة ضخمة التكاليف لإسقاط نظام نحن نعلم مسبقاً أنه سيسقط “وقد بدا ذلك جلياً وواضحاً في الأفق”.
وبغض النظر عن أنه لم ولن يكون هناك من التدخل العسكري الخارجي إلا اسمه ! والتخاصم الفارغ حوله ! فإن سوريا لم يخطط لها هذا، ولا يراد لها أن يكون هناك إسقاط سريع للنظام .
يتكلم كثيرين عن أن سبب تدخل “الناتو” في ليبيا هو النفط، أخبروني إذاً عن تدخل فرنسا واهتمامها الشديد بالوضع في ساحل العاج العام الماضي، هل هو النفط أيضاً !! قطعاً لا .. فالدول الكبرى لا تحسب حساباتها وفق المعادلة الاقتصادية فقط وإن كانت لها أهمية كبيرة عندها، وصدقوني لو كانت سوريا تعوم على بحر من النفط لما تدخل “الناتو” ولما تدخل الغرب لإسقاط النظام بصورة سريعة !
لأن سوريا يراد لنظامها ألا يسقط حتى يتم تدمير البلد، ودعونا لا نتغاضى عن هذه الحقيقة، لا أحد من أقطاب السياسة الدولية “الداعمة للنظام والغير داعمة له” يريد لسوريا أن تتعافى من محنتها هذه إلا بعد أن تتدمر البلد ولا تقوم لها قائمة لبعد عشرات السنين !!
لا أحد يريد لسوريا أن تمتلك جيش يصنف على أنه الجيش رقم “١٥” على مستوى العالم من حيث التعداد، وأن يكون هذا الجيش تحت إدارة سياسية وطنية تهدد أمن إسرائيل وتؤرق منامها !!
دعوني هنا أستذكر النموذج العراقي كون النموذجين متشابهان، الهدف الأساسي هو إنهاك الدولة “وليس النظام” إنهاك البلد وإنهاك جيشه وتدميره، وافتعال المشاكل الطائفية والعرقية والسياسية وإشغال الناس بها كي تكون حديثهم في مقاماتهم ومناماتهم !
ما يراد لسوريا وما يحاك ضدها هو خطير، وخطيرٌ جداً إن لم ننتبه له، ما يراد لسوريا هو التدمير والإنهاء، ما يريده العالم كله لسوريا أن تكون دولة فاشلة غير قادرة على إدارة أمورها ولا حماية مواطنيها، أن تكون دولة مقسمة وضعيفة وهزيلة !!
وهنا أنا لست متشائماً ولكنني أقرأ الواقع الذي أشاهده يرسم في بلدي يومياً حاضراً أمام العيان ..
والحل ليس بالتأكيد كما يتمنطق “المؤيدون” ببقاء النظام بعد كل هذه الديباجة ! إذ إنه ليس من المعقول ولا من المقبول بقاء هكذا نظام على سدة الحكم بعد أن أثبت للجميع أنه نظام عبثي مجنون ومتعطش للدماء !
الحل بالتأكيد يكمن “من وجهة نظري” في الوحدة، وهنا لا أقصد وحدة “ديناصورات” المعارضة الخارجية التي لا تحل ولا تربط !
ولكن أقصد بذلك وحدة كتائب وألوية الجيش الحر كلها بدون استثناء، ولنبدأ على مستوى المحافظات كما حصل اليوم في محافظة حلب وكتائبها التي كان لها فضل الأسبقية، ولا ننجر وراء الدعوات التافهة التي يطلقها بعض المغرضين وطالبي الزعامة، إذ إن البيت يُبنى من الأسفل ! ولذا لا يجب أن يستجيب قادة الكتائب لأي دعوة من أي شخص منصباً نفسه قائداً أعلى للجيش الحر!
ولتسعى جميع الكتائب والألوية إلى توحيد نفسها من الأسفل وليس من الأعلى لضمان عدم وجود المتسلقين وراغبي السلطة ..
وحدة الجيش الحر ووحدة أهدافه وتوجهاته هي الحل الوحيد، وحدته ووحدة منطلقاته هي ضمان كبير لنا بإسقاط النظام بشكلٍ سريع وقطع وإحراق كل المخططات التي تحاك ضد سوريا في معاقل السياسة الدولية ..
لا يجب أن نتناسى عوامل أخرى كالتسليح وغيره ولكن يجب علينا أن نضع قدمنا على الخطوة الأولى الصحيحة في المسيرة .. ورأيي أن هذه الخطوة تتمثل بالتوحد ..
إذن الحل من عند أنفسنا .. فهل من مستجيب ؟!!
ودمتم ..