عهد
بعد غيابٍ عن الوعي كان كافياً لاستعادته والاصطدام بواقعه، فتحت عائشة عينيها لتجد نفسها ملقاة على سريرٍ حديدي يهتز في مشفى تنبعث منها رائحة الاقبية وقذيفة مرت من هنا يوماً ما…
حرّكت جسدها لتمسك حافة السرير وتجلس، فلم تجد يدها اليمنى، تحسست مكانها، كان فارغاً، وبدأت تشعر بألمٍ يعضّ الكتف، ويعبر إلى أعلى أعلى هذا الجسد الممزق!
أغمضت عينيها مرة أخرى علّها تستفيق وتصحو من هذا الجديد، لا جدوى من المحاولة، لم يكن كابوساً، بل كانت هي.. عائشة.. وجسد بلا يدٍ يمنى..
انفجرت صرخةً، جلبت بها أمها متمتمةً بأذكار وتعويذات علّ كل شيء يهدأ، علّ كل شيئٍ يزول، علّ كل شيئٍ يعود…
سألت عائشة بصوتٍ لم يخرج إلّا متقطعاً: وينها؟
ردّت الأم: ما قدروا يخلّوها…
سألت عائشة: وسعيد عرف؟
ردّت الأم، بعد أن ضمّت عائشة بقوة محاولةً إرجاعها جنيناً ذو 6 أشهر إلى رحمها: سعيد راح معها…
إلى عائشة، نصف الشهيدة، ذات الـ 23 عاماً من إدلب.
إلى سعيد، الشهيد، ذو الـ 26 عاماً من اللاذقية.
إلى ذراع عائشة، التي بقي مكانها فارغاً يلتمس ذاكرة من لمسة سعيد.
إلى الخطيبين إلى الأبد… السلام كل السلام…