عمرديب زرزور
بعد القصف الجوي على جامعة حلب عادت بي الذاكرة إلى أيام الصبا والدراسة الجامعية حيث اعتز بأني أحد خريجي هذا الصرح العلمي الكبير. حيث كنا نقضي لحظات الفراغ بين ثلاث مقاصف. مقصف كلية العمارة، مقصف كلية الطب البشري، مقصف كلية الاداب. حيث كان مقصف العمارة المكان لطلبة كلية الهندسة ليقضوا به لحظات الفراغ بين المحاضرات.أما مقصفي كلية الطب وكلية الآداب فكانا مكانين لتجمع طلبة جامعة حلب كافة، لفسحة المكان ولتوسطهم الجامعة فكانا المكان الرئيس الذي يلتقى به الناشطين السياسين والفنانين والأدباء من الطلبة، فكان المكان جزأ من الذاكرة لكن لم يخطر ببالي يوماً أن أبحث عن معنى كلمة مقصف في المعجم إلا بعد أن قصف طيران النظام جامعة حلب بالطائرات الحربية. فوجدت أن معنى المقصف في المعجم الوسيط (مكان اللهو في لعب وشراب) والجمع مقاصف. ثم بحت عن كلمة القصف في نفس المعجم فوجدت معناها (الجلبة والإعلان باللهو).
-عندها تذكرت المشاهد التي نشرت باليوتيوب تظهر الطيار الأسدي يدخن سيجارته وهو مسرور والابتسامة ملئ شدقيه، ثم يشعل بها البراميل القاتلة ويرميها على قرية سورية، وزميله يصوره ليمتّع ابنائه واصدقائه بما تمتع به من عملية القصف التي مارسها على بلد يجب أن تكون بلده وأهل يجب أن يكونوا أهله. ومشهد الضباط الأسديون الذين يعطون إشارة البدئ بإطلاق صواريخ السكود الروسية الصنع ليقصفوا بها المدن والقرى السورية وهم يبتهجون بانطلاق الصواريخ ويصورون أنفسهم حتى لاينسون اللحظة، لحظة البهجة والسرور بقتل أبناء بلدهم.
حينها فهمت لما قام طياروا النظام بقصف جامعة حلب، هم كانوا يريدون قصف مقاصف الجامعة لأن فيها طلبة يشربون الشاي وينافشون النشاطات التي يجب أن يمارسوها، أرادوا أن يبتهجوا بقتل هؤلاء الطلبة لأنهم من كافة المدن السورية تحتضنهم الجامعة مع غل دفين بأنه ذلك القاصف لم يتسنى له الجلوس في هذه المقاصف وينهل من علمها وفكرها فحقد على العلم والجامعات وماتحتويه.