قال للمسافر الذي التقى به عند الجدار هناك: سأصمت ولن أنطق بحرف حتى يصغي الكبار لصغارهم. فأصبح خفقان قلب المسافر سريعاً من شدة خوفه مما عزم عليه ذاك الصبي، ثم أضحى صوته في أغلب أرجاء البلاد للكبار مسموعاً وفي صدورهم ينبض يأساً. وبعد مضي بضعة أزمان عاد المسافر إليه وعند نفس الجدار وجده واقفاً وما زال الفتى صغيراً. فاقترب منه وقال: أرجوك اعدل عن صمتك وتكلم لمرة أخيرة، فلم نعد لهذا اليأس وذاك الصوت نحتمل صبراً، أرجوك بأن تعلمنا الإصغاء لكم حتى نجد لخلاصنا سبيلاً. لكن الصبي اكتفى بالنظر إلى عيناه وبحزن وألم شديدين، فأدرك المسافر بتلك النظرات بأن الإصغاء لا يُدرس وبأنه فطرة الإنسان. بعد ذلك خط خطاه نحو قلبه حين كان طفلاً، فهناك سيجد من القيم ما يجعل من الناس أحراراً وتمسي بهم الأرض جناناً.
سوريا – ريف حلب 2012
تصوير ونص: باسل حسو